الأحد، 7 ديسمبر 2008

الشعر الموجه للأطفال: المصطلح وإشكالية المعايير




الشعر الموجه للأطفال: المصطلح وإشكالية المعايير أ-بين المصطلح والاستعمال العام للوقوف على مصطلح (الشعر الموجه للأطفال) وتحديد مفهومه نرى من المفيد أن نميز بين ما يكتب للأطفال، وما يكتب عنهم، وما يكتبه الأطفال أنفسهم، لأن هذه الأشكال أضحت متداولة ومتداخلة . وبديهي أننا لا نقصد بشعر الأطفال الشعر الذي ينظمه الأطفال أنفسهم، بل نقصد به الشعر الذي ينظمه الشعراء الكبار للأطفال، لأن عبارة (شعر الأطفال) أضحت متداولة في الأدب الموجه للأطفال وهي في الواقع تعني الشعر الذي ينظمه الأطفال "وليس جديدا علينا أن نسمع بين حين وآخر عن شعراء أطفال يكتبون بأنفسهم أجمل القصائد المعبرة عن صدق الأحاسيس وأعمق المشاعر النابعة من براءة الطفولة وحاجاتها ومتطلباتها"(1) ، وقد لقي شعر الأطفال عناية المربين فانطلقوا يعلمون الأطفال كيفية نظم الشعر في المدارس، وظهرت في هذا المجال بحوث كثيرة تناولت هذا الموضوع بالدرس والتحليل(2) ، كما لقي هذا الشعر عناية علماء التربية وعلم النفس إذ وجدوا فيه مادة أولية عن الطفولة وملابساتها المختلفة، فغاصوا في أعماقها قصد اكتشاف حقيقة ما تشعر به، وتعبر عنه بعفوية وصدق وحرية. (3) كما شرعت عدة منظمات تعمل في حقل الطفولة والتربية والثقافة كمنظمتي "اليونسيف" و"اليونسكو" التابعتان لمنظمة الأمم المتحدة في تنظيم مسابقات شعرية للأطفال قصد تشجيعهم واكتشاف المواهب من بينهم. (4) وتأتي عبارة (الطفل في الشعر) لتزاحم المصطلحين أو العبارتين السابقتين، وفي هذا المجال تبرز الطفولة كموضوع وعلى الخصوص في الشعر الاجتماعي حيث يخاطب الشعر الراشدين وليس الأطفال ويدعوهم إلى الاهتمام بالطفولة ورعايتها والمساهمة في حل مشكلاتها ومن ثم لا يدخل هذا الشعر أدب الأطفال ولا يصنف ضمن (الشعر الموجه للأطفال) لأن المتلقي لهذا الشعر والمخاطب به ليس الطفل وإنما الراشد، وفي الشعر العربي الحديث أمثلة كثيرة من هذا الشعر: وقد ظهرت في هذا المجال دراسات كثيرة، وبحوث عديدة تناولت هذا الموضوع بالدرس والتحليل. (5) أما الشعر الموجه للأطفال –وهو مجال بحثنا ومدار موضوعنا- فهو الشعر الذي يكتبه الشعراء الكبار خصيصا للصغار، وينطبق عليه ما ينطبق على شعر الكبار من تعريفات ومفاهيم، غير أنه يختص في مخاطبة الأطفال وهم بحكم سنهم يختلفون عن الكبار في الفهم والتلقي. ب-بين الشعر الموجه للأطفال والشعر الموجه للراشدين(*) بين الشعر الموجه للأطفال والشعر الموجه للراشدين نقاط التقاء، ونقاط اختلاف. فأما نقاط الالتقاء فتعود إلى طبيعة المتلقي كإنسان في حد ذاته سواء أكان راشدا أم كان طفلا، ففي داخل كل راشد طفل يعيش بين جنبيه خصوصا إذا كان هذا الراشد شاعرا وهذا ما ذهب إليه الشاعر الشيلي الشهير بابلو نيرودا (Pablo Neruda) عندما قال: "إذا فقد الشاعر الطفل الذي يعيش بداخله فإنه سيفقد شعره"(6)، ويتجلى هذا أيضا في قول فرنسيس جامس (F.James) "الشاعر طفل، وإذا لم يكن طفلا ساذجا بريئا يتكلم قلبه بطل أن يكون شاعرا عظيمًا"(7)، ففي ذوات الكبار يعيش الطفل الساذج البريء، لهذا تكثر في تجارب الشعراء صور الارتداد إلى عالم الطفولة "ولا شك في أن عالم الطفل مما يجذب اهتمام الشعراء، ويستقطب عواطفهم لما يمثل الطفل والطفولة من معاني الدهشة والبراءة والطهر والألفة ... فالطفل يجسد حلم الفنان في العودة إلى زمن الامتلاء والغضارة والحرية اللامحدود"... فالطفل كما يقول الشاعر الإنكليزي وردز ورث (Words Worth) هو أبو الرجل من الناحية السيكولوجية، فمهما بلغ عمر الإنسان فإن طفولته حاضرة في حياته لأن الإنسان في حاجة إلى هذا الشيء القليل من الطفولة التي يحتفظ بها تجاه نفسه كما لو كانت أعز شيء عنده أو أثمن كنز لديه، فالرجولة الحقة هي أن يمارس الإنسان طفولته بخصائصها الحالمة وبدون هذه الخصائص يعيش الإنسان حياة متزمتة يابسة طوال عمره. (8) هذه نقطة التقاء أولى، أما ثاني نقاط الالتقاء فتعود إلى نشأة الشعر في حد ذاته، فالشعر هو أول الأشكال الأدبية التي عرفتها الإنسانية في عهودها الأولى فهناك من يقول إن الشعر مرتبط ارتباطا وثيقا بطفولة الإنسانية فقد كان الشعر هو السائد عندما كانت الإنسانية تخطو خطوتها الأولى ... لقد وجد هذا الإنسان ملاذه في الشعر لأنه مساحة تسمح له أن يشكل واقعه ويغيره، كان بالشعر يغير مكانه الطبيعي المحدود إلى مكان نفسي يساعده على إقامة توازنه النفسي ليستمر في البقاء، ولذلك يعتبر الشعر عنده الزمن الذي يجسد به المكان، والعلاقة بين الطرفين (المكان والزمان) هي الطفولة، فالشعر طفولة الإنسانية، وطفولة الإنسان هي بدايتها عندما كانت الطبيعة مكانها الأول (9). لهذا كله يجد الكبار في الشعر الموجه للأطفال ضالتهم لأن فيه طفولتهم، كما يجد الأطفال في شعر الراشدين متنفسا عندما تضيق سبل الإبداع في مجالهم، فقبل نشوء أدب الأطفال بمفهومه المعاصر عاش هؤلاء الصغار زمنا طويلا على مائدة شعر الراشدين يرددونه ويبذلون جهدًا وعنتًا في حفظه واستظهاره. وثالث نقاط الالتقاء تعود إلى جوهر الشعر وطبيعته فالشعر يتحدث عن الحياة والكون والإنسان والشاعر يتحدث عن هذه القضايا بأحاسيسه وعواطفه وعقله وهو في هذا يستخدم اللغة التي يفهمها المتلقي صغيرا كان أم كبيرا، ويحاول من خلال هذه اللغة دفع المتلقي إلى مشاركته في أحاسيسه والتفاعل معه ثم الاقتناع بما يقوله، وكل هذه القضايا يشترك فيها الطفل مع الراشد(10) أضف إلى هذا أن مجال الشعر هو إثارة الشعور والإحساس ويكون ذلك "بالوسائل الفنية في الصياغة وذلك بتأليف أصوات موسيقية، تضيف موسيقاها إلى قوة التصوير فتتراسل بها المشاعر، وهذه المشاعر بدورها طريق بث أفكار تتمكن من النفس عن طريق التصوير بالعبارات الموقعة".(11) أما نقاط التباين والاختلاف فتقول عنها الناقدة الأمريكية "كاريت. س. هيدك" والمختصة في أدب الأطفال: "أن الشعر للأطفال يختلف قليلا عن الشعر للكبار، فهو بالإضافة إلى كونه يعلق على الحياة بمستوى يحمل معنى وهدفا للأطفال فإن خاصيته تكمن في لغته الشعرية ومحتواه الذي ينبغي أن يمس الأطفال مباشرة".(12) ومن هنا يمكن القول بأن نقاط التباين والاختلاف تبرز في مجالين كبيرين، مجال الشكل ممثلا في اللغة على وجه الخصوص، ومجال المضمون ممثلا في محتوى هذا الشعر، ففي مجال الشكل فإن هذا الشعر يختلف في ألفاظه ومعجمه الشعري عن شعر الراشدين فلغة هذا الشعر يجب أن تكون بسيطة خالية من المفردات غير المألوفة، وأن تكون الكلمات المستعملة مأخوذة من معجم كلمات الأطفال، فإذا أخذنا على سبيل المثال كلمة (القبلة) فهي في النص الشعري الموجه للراشدين مرتبطة بالعاطفة الجنسية ومثيرة لها، بينما في النص الشعري الموجه للأطفال، فإنها تعني الاحترام والاعتراف بالجميل أو التعبير عن الشكر والامتنان، ومثلها لفظة (المعانقة) و(اللثم) و(الشفاه) وغيرها. أما في مجال المضمون فإن الشعر الموجه للأطفال يتناول موضوعات وثيقة الصلة بالتربية الطفولية أي موضوعات ذات مغزى أو هدف تربوي "كحب الوطن، وجمال الطبيعة، والحفاظ على البيئة، وحب الوالدين، وصلة الرحم، واحترام المعلمين وكبار السن، والحفاظ على الممتلكات العامة، والرفق بالحيوان، والحرص على الأخلاق والدين، وكل ما من شأنه أن يدغدغ أحاسيس الأطفال، ويزرع بذور الخير والعدل في نفوسهم".(13) ومجمل القول أن الشعر الموجه للأطفال يدخل في إطار الاهتمامات التربوية باعتباره وسيطا تربويا لتنمية الذوق الأدبي عند الأطفال، في حين لا يدخل بالضرورة شعر الراشدين هذا الإطار. ج-إشكالية المعايير بين الفن والتربية يتكون الشعر الموجه للأطفال من قطبين اثنين لا يمكن التضحية بأحدهما، وهذان القطبان هما: الفن والتربية، فالشعر الموجه للأطفال عمل فني، وهو في الوقت نفسه عمل تربوي، وهذا التداخل بين الفن والتربية أوجد إشكاليات فنية وتربوية متعددة، ففي هذا المجال لم يعد الشاعر وحده في الميدان يكتب ما شاء وكيفما شاء، بل أصبح ينافسه مسؤولية إنتاج الكتابة للأطفال أو ترشيد وتوجيه إنتاجها علماء النفس والتربية، وتحوّل هؤلاء إلى منافسين للمشتغلين بدراسة الأدب فهم يحاولون احتكار هذا الميدان، ويمارسون سلطة على المبدع خصوصا بعد التطورات التي شهدها ميدان علم النفس الطفل وعلوم التربية، وراحت مؤلفات هؤلاء تخصص مباحث لأدب الطفل، وكأنه حقل من حقولها(14)، وهنا يبرز سؤال ملح وهو: هل نعلم الأطفال الشعر ليكون هدفا بحد ذاته؟ أو نعلمه ليكون وسيلة لغرس القيم التربوية، وهل يمكن تحقيق المعادلة الصعبة بين الفن والتربية فنحقق بذلك الغرضين معا؟ وبناء على ما افترضناه في بداية الفقرة فإن الغرضين يجب أن يتحققا معا، وبشكل متوازن ومنسجم، ولا يمكن ان يحقق هذا إلا شاعر متمرس من الناحيتين الفنية والتربوية، يستطيع أن يقدم شعرا لا تحول فيه الصياغة الفنية دون الإيصال التربوي، وبالمقابل لا يكون الحرص على الإيصال التربوي سبيلا إلى فساد الفن وانحطاطه، (15) "على أن هذه المعادلة مقبولة من الناحية النظرية، ولكن ما من شعر حقيقي يجمع بين معطيات الفن والتربية إلا ويجور فيه الفن على التربية أو تطغى فيه التربية على الفن، ولكن ضمن حدود متفاوتة بين شاعر وشاعر، فقد يغرق الشاعر في الفنية، ولا سيما إذا كان شاعرًا محدثا فيتجاوز حدود الوضوح الذي يفترضه كل إيصال تربوي، وآنذاك لا يصلح نتاجه مادة للتربية، إذ تختلف الآراء في تفسيره وحل رموزه بل في تحديد فكرته العامة".(16) وقد استطاع بعض الشعراء الوصول إلى حل لهذه الإشكالية وهو أن يقدم للطفل الشعر الغامض والواضح معًا، يقدم الشعر الغامض لأن الشعر الحقيقي الذي يحقق المتعة يستلزم فنا حقيقيًا، فلا بد أن يكون فيه من الخيال والتصوير ما يجعله يحقق ذلك، ويقدم الشعر الواضح لأن المعطيات التربوية والنفسية تلزم الشاعر أن يفهم المتلقي الصغير ما يريد، على أن الغموض في الشعر الموجه للأطفال يجب أن لا يتعدى حدود الصور الفنية. ونتيجة لهذه الخصوصية في الشعر الموجه للأطفال ذهب بعض النقاد والمشتغلين بأدب الطفل إلى أن شعر الأطفال شعر صعب، ووجه الصعوبة فيه "أن يضع شاعر الأطفال في حسابه كثيرا من التقنيات، ويرصد إزاء ذهنه كثيرا من الحقائق التي لا تقبل الجدل، ومن هذه الحقائق والتقنيات مراعاة المستوى العمري والفكري واللغوي والنفسي وغير ذلك".(17) ولهذا "فالكتابة للأطفال –وكتابة الشعر على الأخص- تأتي في الذروة، ذروة التعبير، ذروة الخبرة، ذروة النضج الفني، وليس من قبل المصادفة أن كبار الأدباء في العالم اتجهوا إلى الطفولة وكتبوا لها، بعد أن تربعوا قمة المجد والشهرة وأعطوا معظم ما أعطوا للكبار"(18)، ففي الأدب الغربي أسماء بارزة كتبت الشعر للأطفال أمثال الشاعر ت.س.إليوت (T.S.Eliot)، وألكسندر بوشكين (Aleksander Pouchkine) (19)وكذلك في الأدب العربي أمثال أحمد شوقي وسليمان العيسى، ومحمد الأخضر السائحي وغيرهم. وليس صحيحا قول بعضهم أنه لا يهتم بالتأليف للصغار سوى الذين لا يجدون ما يلقونه على الكبار ... وأن التأليف للأطفال يعد تضحية كبيرة لأنه لا يصل بالمؤلفين إلى ما يسمونه: المجد الأدبي(20)، والحقيقة أن الكثير من الأدباء وصلوا إلى المجد والشهرة الواسعة عن طريق تأليفهم للصغار، أمثال الكاتب الدانماركي هانز كريستيان أندرسون (Hans Cristian Anderson) في الأدب الغربي، وكامل كيلاني في الأدب العربي. وخلاصة القول أن الشعر الموجه للأطفال يتسم بخصوصيات تضبط المبدعين في هذا المجال وتجعلهم في حالة وعي بالمراحل العمرية التي يمر بها الأطفال، والموضوعات التي يتجاوب معها هؤلاء، بالإضافة إلى الاعتبارات التربوية والنفسية، وهذا لا يعني التضحية بالأسس والمقومات الجمالية فالشعر الموجه للأطفال عمل فني جمالي قبل أن يكون عملا تربويا تعليميا. الهوامش والإحالات (1) أحمد علي كنعان، الطفولة في الشعر العربي والعالمي مع نماذج شعرية لأطفال شعراء، دار الفكر، دمشق - سوريا، ط1، 1995، ص160. (2) من هذه البحوث: أ- كتابة الشعر في المدارس، لأريك جي بولتون، ترجمة ياسين طه حافظ، مكتبة سومر، دمشق. ب- الشعر في المدارس الأساسية، لبول هازار، ترجمة جيلالي خلاص، جريدة الشروق الثقافي، الجزائر، العدد 50، لسنة1994، ص19. ج- الطفل والشعر، لعبد الرزاق جعفر، دار الجيل، بيروت، ط1، 1992. د- أسطورة الأطفال الشعراء، لعبد الرزاق جعفر، دار الجيل، بيروت، ط1، 1992. هـ- الطفولة في الشعر العربي والعالمي، لأحمد علي كنعان، دار الفكر، دمشق، ط1، 1995. (3) من هذه البحوث: أ- أطفال عند القمة - والموهبة والتفوق العقلي والإبداع، لزكريا الشربيني ويسرية صادق، دار الفكر العربي، القاهرة، 2002. ب- سيكولوجية الإبداع، لحسن عيسى، دار الإسراء، طنطا، 1993. ج- شعر الأطفال وعلم النفس، لإحسان فهمي، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة، 1989. = =د- سيكولوجية الموهبة الأدبية والطفولة، لمحمد طه عمر، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2000. هـ- سيكولوجية الطفولة والشخصية، لجون كونجر، ترجمة أحمد عبد العزيز سلامة، دار النهضة، القاهرة، 1970. (4) من ذلك مسابقة اليونسكو في الشعر للأطفال في شهر جوان من عام 1980 وكان عنوانها (الأطفال يخاطبون الأطفال) وقد شاركت الجزائر في هذه المسابقة، وخصصت وزارة التربية الوطنية وصحيفة الشعب اليومية جوائز تشجيعية هامة زيادة عن الجوائز الدولية لتشجيع الأطفال الفائزين (ينظر: مجلة الثقافة، الجزائر، عدد 56 سنة 1980، ص165). (5) من هذه الدراسات دراسة سليمة عكروش وعنوانها (صورة الطفولة في الشعر العربي المعاصر) وهي رسالة ماجستير نوقشت في قسم اللغة العربية بجامعة الجزائر وصدرت عن دار هومة بالجزائر عام 2002، وأيضا دراسة إبراهيم محمد صبيح وعنوانها (الطفولة في الشعر العربي الحديث) صدرت عن دار الثقافة بقطر سنة 1405هـ وغيرها. (*) استخدام مصطلح شعر الراشدين هو من قبيل التيسير الإجرائي قصد البحث والتمييز والدراسة فقط. (6) محمد قرانيا، قصائد الأطفال في سورية، من منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2003، ص29. (7)عثمان حشلاف،الصورة والرمز في الشعر العربي بأقطار المغرب العربي،أطروحة دكتوراه مخطوطة، الجزائر،1992،ص27 (8 ) ينظر مصطفى فهمي، سيكولوجية الطفولة والمراهقة، دار مصر للطباعة، مصر، 1974، ص10. (9 ) بنظر سليمة عكروش، صورة الطفولة في الشعر العربي المعاصر، دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر،2002، ص18، 19. (10 ) ينظر محمد علي الهرفي، أدب الأطفال، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، القاهرة، 2001، ص81. (11 ) محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2001، ص356. (12 )محمد علي الهرفي، أدب الأطفال، ص80. (13 ) محمد قرانيا، قصائد الأطفال في سورية، ص30. 14)) ينظر على سبيل المثال الكتب التالية والتي خصصت فصولا ومباحث لأدب الطفل: - تدريس فنون اللغة العربية لعلي أحمد مدكور، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 2000 . - إعداد الطفل العربي للقراءة والكتابة لهدى محمود الناشف، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1999 . - تدريس العربية في التعليم العام لرشدي أحمد طعيمة ومحمد السيد مناع، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 2000. - تعلم المفاهيم اللغوية والدينية لدى الأطفال لثناء يوسف الضبع، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 2001 . (15 ) ينظر مجموعة من الكتاب، مع سليمان العيسى، دار طلاس، دمشق، 1984، ص203. (16) المرجع نفسه، ص203، 204. (17 ) محمد مرتاض، من قضايا أدب الأطفال، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،1994، ص62. (18) أحمد علي كنعان، الطفولة في الشعر العربي والعالمي، دار الفكر، دمشق، 1995، ص176. (19 ) كتب إليوت قصصا شعرية للأطفال وردت في ديوانه (ديوان القطط) أو (ما قاله الجرد العجوز عن القطط العميلة) وهو العنوان الذي وضعه مترجم الديوان صبري حافظ للترجمة العربية، ينظر عبد الله أبو هيف "إليوت كاتبا للأطفال"، مجلة العربي، الكويت، عدد 438، 1995، ص172. كما كتب إلكسندر بوشكين حكايات شعرية للأطفال منها (الصياد والسمكة). (20 )هذه الكلمة لزكي مبارك في معرض رده على من يزعم ذلك. ينظر أنور الجندي، كامل كيلاني في مرآة التاريخ، مطبعة الكيلاني الصغير، القاهرة، 1965، ص354.


اقرأ المزيد »

نحو أدب تفاعلي للأطفال

نحو أدب تفاعلي للأطفال

د. العيد جلولي

مقدمة

تسعى هذه الدراسة في المقام الأول إلى بيان أهمية الوسائط التكنولوجية الحديثة ، والأساليب التقنية المعاصرة في المجال الأدبي عموما ، وفي مجال أدب الأطفال على وجه الخصوص. وتطرح مشروع تأسيس أدب للأطفال يقوم على عنصري التفاعل والمشاركة وهو ما نسميه في هذه الدراسة بـ ( الأدب التفاعلي للأطفال) وقد حاولنا استثمار المنجز النقدي الحديث في مجال نظرية القراءة وجماليات التلقي ، واستغلال المفاهيم المطروحة في مجال الأدب التفاعلي للكبار من خلال رواده ومنظريه أمثال سعيد يقطين وفاطمة البريكي ومحمد سناجلة وغيرهم .

ولا شك أن الأدب التفاعلي للأطفال سيفتح نافذة للمبدعين يتم من خلالها مخاطبة الأطفال بأسلوب جديد يهدف إلى إعدادهم إعدادا علميا صارما لمواجهة تحديات القرن الجديد ومواكبة الموجة الحضارية الثالثة وهي الموجة المعلوماتية بعد أن تخطى العالم الموجة الحضارية الثانية وهي الموجة الصناعية .

الأدب التفاعلي:

- ماهية الأدب التفاعلي:

الأدب التفاعلي جنس أدبي جديد له خصائصه الكتابية والقرائية ، وله أشكاله الأدبية ، فهو أدب مختلف في إنتاجه وتقديمه عن الأدب التقليدي وهو لم يكن ليظهر لولا التطورات التي شهدتها وسائط تكنولوجيا الاتصال وخاصة الحاسب الإلكتروني .

وفي هذا الأدب لا يكتفي المؤلف باللغة وحدها بل يسعى إلى تقديمه عبر وسائط تعبيرية كالصوت والصورة والحركة وغيرها .

ويعرفه –سعيد يقطين- بأنه " مجموع الإبداعات (والأدب من أبرزها) التي تولدت مع توظيف الحاسوب ، ولم تكن موجودة قبل ذلك ، أو تطورت من أشكال قديمة ، ولكنها اتخذت مع الحاسوب صورا جديدة في الإنتاج والتلقي "(1)

وفي السياق نفسه تعرفه فاطمة البريكي " بأنه الأدب الذي يوظف معطيات التكنولوجيا الحديثة في تقديم جنس أدبي جديد ، يجمع بين الأدبية والإلكترونية ، ولا يمكن أن يتأتى لمتلقيه إلا عبر الوسيط الإلكتروني ، أي من خلال الشاشة الزرقاء ، ولا يكون هذا الأدب تفاعليا إلا إذا أعطى المتلقي مساحة تعادل ، أو تزيد عن مساحة المبدع الأصلي للنص". (2)

وهذا يعني أن يكون المبدع والمتلقي متمكنين من استخدام الحاسوب بمهارة ، وفهم لغته وبرامجه دون الشعور بحواجز نفسية على الأقل بينهما وبين الوسيط الذي ينقل عبره المبدع إبداعه إلى المتلقي و يتلقى هذا الأخير بالوسيلة نفسها هذه الرسالة ، ويمكن الاستعانة في هذا المجال بالمتخصصين في مجال الكمبيوتر . (3)

- شروط الأدب التفاعلي :

وليكون هذا الأدب تفاعليا لا بد أن يلتزم بجملة من الشروط منها :

1- أن يتجاوز الآلية التقليدية في تقديم النص الأدبي .

2- أن يتحرر الأديب من الصورة النمطية التقليدية لعلاقة عناصر العملية الإبداعية ببعضها .

3- أن يعترف ويقر بدور المتلقي في بناء النص وقدرته على الإسهام فيه .

4- أن يحرص على تقديم نص حيوي ، تتحقق فيه روح التفاعل الحقيقية لتنطبق عليه صفة (التفاعلية) (4)

- صفات الأدب التفاعلي :

وليكون هذا الأدب تفاعليا لابد أن يتوفر على جملة من الصفات والمميزات منها:

1- يقدم الأدب التفاعلي نصا مفتوحا، نصا بلا حدود ، إذ يمكن أن ينشئ المبدع ، أيا كان نوع إبداعه نصا ، ويلقي به في أحد المواقع على الشبكة ، ويترك للقراء والمستخدمين حرية إكمال النص كما يشاءون . (5)

2- يمنح الأدب التفاعلي المتلقي فرصة الإحساس بأنه مالك لكل ما يقدم على الشبكة . (6)

3- لا يعترف الأدب التفاعلي بالمبدع الوحيد للنص ، وهذا مترتب على جعله جميع المتلقين والمستخدمين للنص التفاعلي مشاركين فيه ، ومالكين لحق الإضافة والتعديل في النص الأصلي. (7)

4- البدايات في هذا الأدب غير محددة إذ يمكن للمتلقي أن يختار نقطة البدء التي يرغب بأن يبدأ دخول عالم النص من خلالها ، ويكون هذا باختيار الأديب المبدع الذي يبنى نصه على أساس ألا تكون له بداية واحدة ، وهذا الاختلاف في اختيار البدايات من متلق لأخر يؤدي حتما إلى اختلاف سيرورة الأحداث من متلق لآخر أيضا .(8)

5- النهايات غير موحدة في معظم نصوص الأدب التفاعلي ، فتعدد المسارات يعني تعدد الخيارات المتاحة أمام المتلقي ، وهذا يؤدي إلى أن يسير كل منهم في اتجاه يختلف عن الاتجاه الذي يسير فيه الأخر ، ويترتب على ذلك اختلاف المراحل التي سيمر بها كل منهم ، مما يعني اختلاف النهايات أو على الأقل ، الظروف المؤدية إلى تلك النهايات وإن تشابهت أو توحدت ، وهذه الميزة تسمح بأن يخرج كل متلق للنص برؤية تختلف عن تلك التي سيخرج بها غيره من المتلقين ، وهذا من شأنه أن يوسع أفق النص ويفتح باب التأويل وهذا يضمن للنص البقاء والاستمرارية .(9)

6- يتيح الأدب التفاعلي للمتلقين فرصة الحوار الحي والمباشر ، وذلك من خلال المواقع التي تقدم النص التفاعلي إن معظم المواقع التي تقدم الأدب التفاعلي مثل اتحاد كتاب الانترنت تفتح المجال لإجراء هذا الحوار والذي تتجلى فيه روح التفاعل في أرقى صورها وأشكالها .(10)

7- تتعد صور التفاعل في هذا الأدب بسبب تعدد الصور التي يقدم بها النص الأدبي نفسه إلى المتلقي, ففي الوقت الذي يتخذ التفاعل صورة واحدة في الأدب التقليدي وهي صورة الكتابة النقدية على هامش الكتابة الأدبية فإن التفاعل في الأدب التفاعلي تتخذ أشكالا متنوعة .(11)

مصطلح ( التفاعلية) :

لا يمكن فهم الأدب التفاعلي إلا على ضوء تحليل لفظة (التفاعلية) وتجلياتها المختلفة في الثقافتين العربية والغربية ، وقبل الخوض في تحليل هذه اللفظة لابد من الإشارة إلى أن الأدب بطبيعته تفاعلي، وأن النص الأدبي لا يكتسب قيمته ولا يتحقق وجوده إلا بوجود متلق متفاعل معه .(12)

وإذا عدنا إلى ما بين أيدينا من معاجم تراثية لنبحث عن لفظة (التفاعلية) وعن جذرها(فعل) فإننا نجد لهذا الجذر صيغا وتصريفات كثيرة ، ولكن صيغة (تفاعل) غير مستخدمة بمفهومها المعاصر ، كما أن اللفظة في العصر الحديث لا تستخدم إلا في نطاق ضيق يشير إلى ما هو كيميائي فيقال :" تفاعل المواد الكيميائية " باستثناء بعض الدراسات القليلة ومنها كتاب : (القراءة التفاعلية : دراسة لنصوص شعرية حديثة) لمؤلفه إدريس بلمليح .

بينما إذا انتقلنا إلى الثقافة الغربية فإن للفظة حضور متميز فهي تحتل موقعا مهما جعل منها مصطلحا قائما بذاته سواء في المجال الورقي، أو في المجال الإلكتروني وهذا الحضور يظهر على مستويين .

أولا: على مستوى النظرية النقدية .

ثانيا: على مستوى الأدب الإلكتروني(13) .

فعلى مستوى النظرية النقدية نجد للقارئ والمتلقي حضورا متميزا " في المفاهيم النظرية والإجرائية في اتجاهات نقد استجابة القارئ أو اتجاهات ما بعد البنيوية كالتفكيكية والتأويلة والسيميولوجية والقراءة والتلقي وشكلت فاعلية القراءة المهمة المركزية للنقد المتمحور حول القارئ (14) .

وأما على مستوى الأدب الإكلتورني فإن مصطلح التفاعلية هو أبرز مصطلح تحمله الأجناس الأدبية الإلكترونية.

كالقصيدة التفاعلية والرواية التفاعلية والمسرحية التفاعلية والمقالة التفاعلية وغيرها.

وإذا عدنا إلى مصطلح (التفاعلية) فإن " التفاعل في الإعلاميات بمثابة عملية التبادل أو الاستجابة المزدوجة التي تتحقق بين الامكانات التي يقدمها النظام الاعلامياتي للمستعمل والعكس " (15)

ويرى البعض أن لفظة (التفاعلية) " لا تعني القدرة على الإبحار في العالم الافتراضي وحسب ، بل تعني قوة المستخدم وقدرته على التغيير فيه " (16)

وترى الباحثة فاطمة البريكي أن التفاعلية ليست مصطلحا أدبيا أو أنترنتيا أو الكترونيا وحسب بل هي نمط حياة ووسيلة للتعامل مع الأمور المختلفة التي تمر على الفرد بصورة دائمة ، فمن كان شأنه التفاعل مع كل تفاصيل الحياة لابد أن يتفاعل على نحو لا إرادي مع ما يقدم له من نصوص أدبية أو غيرها ورقية كانت أو إلكترونية ، ومن كان شأنه تطوير أسلوب تفاعله مع هذه الأمور مع ما يستجد بمرور الزمن من شأنه أيضا أن يطور تفاعله مع النصوص طالما تطورت طبيعة النصوص ذاتها، وتغير الوسيط الحامل لها، والعكس بالعكس. (17)

الأدب التفاعلي : نصوص مترابطة

الحديث عن الأدب التفاعلي يقودنا للحديث عن النص المترابط، والنص المترابط ترجمة للمصطلح الغربي-الإنجليزي (hypertext ) وقد نقل هذا المصطلح إلى اللغة العربية تحت مسميات كثيرة كالنص المترابط والنص المتفرع والنص الفائق والنص الممنهل والنص المتشعب .

وممن آثر استعمال مصطلح (النص الفائق) نبيل علي في كتابه(العرب وعصر المعلومات)(18) في حين استعمل حسام الخطيب مصطلح(النص المتفرع)في كتابه (الأدب والتكنولوجيا وجسر النص المتفرع)(19) ورفض في هذه الدراسة مصطلح( النص الفائق) معللا ذلك بأن هذا المصطلح (النص الفائق ) يدل على حكم تقييمي لا يعبر عن المضمون الجوهري للمصطلح ، ويرى أن ترجمة مصطلح hypertextبـ (النص المتفرع) له ما يبرره من الناحية العلمية والعملية وهو وثيق الصلة بفن الشروح والحواشي في تراثنا العربي (20)

وبهذا المفهوم استعملته فاطمة البريكي في كتابها(مدخل إلى جماليات الأدب التفاعلي)(21) وأيدها في هذا الاستعمال عبد الله محمد الغذامي في تقديمه لكتابها فهو يقول في هذا التقديم:"وأنا أتفق معها حيث اختارت ترجمة الدكتور حسام الخطيب لهذا المصطلح بالنص المتفرع ، والنص المتفرع هو خاصية أسلوبية جديدة ربما كان لها شواهد قديمة في الشروحات على المتون والحواشي المتفرعة وما كان يسمى حاشية الحاشية، مما هو من الممارسات الشائعة لدى علمائنا الأوائل حيث يتفرع المتن الأول للمؤلف الأول إلى متون فرعية تأتي على شاكلة الحواشي والشروحات على المتن ." (22)

أما سعيد يقطين فقد آثر استعمال مصطلح النص المترابط في كتابه (من النص إلى النص المترابط مدخل إلى جماليات الإبداع التفاعلي) (23) وقد أخذنا في هذه الدراسة بهذا المصطلح لتوافره على الدقة والوضوح وكثرة الاستعمال ، فقد راق لكثير من الدارسين لهذا الأدب استعماله وتوظيفه . (24)

والنص المترابط مؤلف من مجموعة من النصوص مع الوصلات الإلكترونية التي تربط بينها ، بحيث يقدم لقارئه أو مستخدمه ، من خلال تلك النصوص المتعددة والوصلات الرابطة بينها ، مسارات مختلفة غير متسلسلة ولا مرتبة لكي تتيح للمتلقي والمستخدم فرصة اختيار الطريقة التي تناسبه في قراءته، ومن ثم فإن النص المترابط أسلوب جديد في آلية الكتابة وفي القراءة أيضا. (25)

ويبقى النص المترابط (HyperText ) مصطلحا حاسوبيا تعرفه موسوعة انكارتا (Encarta) بأنه نظام لتخزين صيغ مختلفة من المعلومات كالصور والنصوص والأصوات وغير ذلك من ملفات الكمبيوتر بحيث يسهل الوصول إليها وإلى غيرها من المعلومات المرتبطة بذلك النص (الملف) مباشرة.(26)

ولتقريب الصورة يمكن تشبيه النص المترابط بالصفحة الأولى للجريدة ، لأن الصفحة الأولى تمنح القارئ حرية القراءة دون أن تفرض عليه خطا ثابتا كي يحصل على ما يريد، والعناوين الموجودة في الصفحة الأولى تحيل تفاصيلها في صفحت داخلية تكتب أرقامها بخط صغير في أسفل الخبر الموجز .

موقف النقاد من الأدب التفاعلي :

من اللازم التأكيد على أن الأدب التفاعلي أدب جديد على ثقافتنا العربية ، فمازلنا في مرحلة الانبهار والتعريف والاقتباس وربما التقليد فلم ندخل بعد مرحلة التمثل والتطبيق والإفادة ، عدا بعض المحاولات التي ما تزال في بداياتها وتعد في هذا المجال أعمالا رائدة كالقصة التفاعلية عند محمد سناجلة , والمقالة التفاعلية عند فاطمة البحراني, والقصيدة التفاعلية عند مشتاق عباس معن وغيرها.(27)

ونظرا لحداثته فجر هذا الأدب موجة من المناقشات حتى أن مجلة (الرافد) الإماراتية خصصت له ملفا كاملا في عددها (120) شارك فيه مجموعة من الكتاب المهتمين بالأدب التفاعلي أو التفاعلية .

كما صدرت في الآونة الأخيرة مقالات كثيرة ، وكتب عديدة تحاول رصد مصطلح الأدب التفاعلي الذي لا يزال بكرا رجراجا غير مؤطر تماما تتجاذبه الرؤى والآراء.(28)

غير أن هناك من يعارض هذا الأدب ويعتبره خطرا على الأدب التقليدي ويذهب بعض المعارضين إلى وصفه بالفقاعات التي سرعان ما تموت ولا تصلح للبقاء، أو أنه زوبعة في فنجان حركها الانبهار بعالم التكنولوجيات ، وفي هذا الصدد كتب الدكتور سعيد الوكيل مقالة في صحيفة أخبار الأدب المصرية عنوانها " خرافة اسمها الواقعية الإلكترونية " يقول فيها :" النوايا الطيبة لا تكفي لأن تصنع نوعا أدبيا جديدا ! أقول هذا ليكون تعقيبا مبدئيا–لا يخلو من مرارة– على ما دأبت عليه الصحافة العربية (المطبوعة والإلكترونية) في الفترة الأخيرة، من مطالعتنا بالتبشير بميلاد أدب عربي جديد وبداية عصر الواقعية الإلكترونية، وبأن بعض أدبائنا اخترع في إبداعه الأدبي تقنية رواية الواقعية الرقمية، بل وصل الأمر إلى حد الإعلان عن الحاجة إلى مدرسة نقدية توائم بين أبجديات النقد التقليدي وتقنيات الكتابة الرقمية بأدواتها الحديثة والتي تشكل الكلمة أحد عناصرها فحسب وهذه كلها لعمري أضغاث أحلام " (29)

كما كتب الأديب حسين سليمان مقالة بعنوان " محمد سناجلة والكتابة الرقمية وتغييب مفهوم الأدب " يقول فيها :" لقد غمرني إحساس حين قرأت عن التجربة منذ حوالي سنتين مرفودا مع أحد المقاطع من الرواية الرقمية التي كتبها الكاتب. أن هناك تصورا في إدراك ماهية الأدب باعتباره يقوم على الكلمة المكتوبة فقط إن كانت على الشاشة أم على الورق، فالكلمة المقروءة وفي أضعف حالاتها (المسموعة منها) هي ما يقوم عليه الأدب ، الأدب ابن الميثولوجيا ، السحر الذي قام بالأصل على الكلمة ، وليست على الكلمة والصورة ، كما في كتب الأطفال التي تساعد على فهم الكلمة عن طريق استخدام الصورة " إلى أن يقول " التسمية التي يطلقها سناجلة على عمله هي تسمية غير دقيقة ، ليست رقمية ليست ديجيتال , كل ما يفعله هو استخدام آلة الديجيتال ، وكان من الممكن استخدام استوديوهات الأنالوج القديمة التي كانت تعتمد عليها السينما في ثلاثينيات القرن المنصرم , إن الفكرة الأساسية هي إدماج الصورة والصوت والحـركة مع الكـلمة " (30)

ولمحمد سناجلة - رائد الأدب التفاعلي- مقالة بعنوان" التفاعلي والترابطي والرقمي والواقعي الرقمي" نشرها بمجلة العربي الحر الإلكترونية يرد فيها على هؤلاء المعارضين يقول فيها:" وصلنا في الأثر "أن الإنسان عدو ما يجهل" وأن كل جديد غريب مستهدف، وأن كل مشروع إبداعي جديد لا بد وأن يتعرض للرفض والاستنكار والهجوم العاتي في بداياته خصوصا من قبل أولئك الذين ترسخت بهم العادة على التقليد والإتباع والنسج على منوال سابق .

ويحدثنا التاريخ عن مشاريع إبداعية كبرى ، أحدث كل واحد منها ثورة في عالم الفكرة والأدب ، ويحدثنا هذا التاريخ أيضا عن أولئك (النقاد والمثقفين ) الذين حاولوا التصدي لهذه المشاريع الإبداعية الكبرى في بداياتها ، فلم يفعلوا سوى أن جعلوا من أنفسهم أضحوكة وسخرية للأجيال اللاحقة و على مر الزمن " (31)

وفي هذه المقال يدافع عن وجهة نظره ويرد خصوصا على الدكتور سعيد الوكيل أحد معارضي هذا الأدب كما يشرح فيها مصطلحات هذا الأدب الجديد كالرواية التفاعلية والنص المترابط والنص الرقمي وغيرها من المصطلحات .

أطفالنا وعصر المعلومات:

قدم علماء المستقبليات العديد من التصورات حول مواصفات إنسان القرن الحادي والعشرين ، وحددوا في هذه التصورات ما ينبغي أن يزود به الإنسان من مهارات وقدرات حتى يكون قادرا على مواجهة التحديات والتصدي لها ، ومن هذه الدارسات: دراسة ماسلو (MASLOW) حول النموذج الفرد المحقق لذاته وحاجاته وخصائصه، ودراسة آرثر كوستا(ARTHUR COSTA) لأهم خصائص السلوك الذكي اللازم لإنسان القرن الحادي والعشرين وأكدت هذه الدراسة على أن أصل الذكاء الإنساني يكمن فيما يقوم به الطفل من أنشطة حسية حركية خلال المرحلة المبكرة من عمره.

ودراسة دوروثي تنستال (D.TUNSTALL ) حول دور المدرسة وخصائصها في القرن الحادي والعشرين بعنولن (مدرسة القرن الحادي والعشرين ) حددت فيه الباحثة الخصائص و المهارات والقدرات اللازم إكسابها للأطفال حتى يستطيعوا المنافسة في هذا القرن ، وجعلت القدرة على استعمال الكومبيوتر وشبكات الإنترنت أول وأهم هذه القدرات ورغم كثرة هذه التصورات وما تضمنته من خصائص ومواصفات فإن القاسم المشترك بينها هو :

أ-أجمعت هذه دراسات على أهمية مرحلة الطفولة خصوصا مرحلة الطفولة المبكرة أي مرحلة ما قبل المدرسة والسنوات الأولى من مرحلة التعليم الابتدائي وذلك لسبين :

1- أسباب تتعلق بالنمو العقلي للطفل .

2- أسباب تتعلق بنمو وخصائص ووظائف المخ البشري والجهاز العصبي .(33)

ب- ضرورة تنمية القدرات التالية :

1- القدرة على استخدام التكنولوجيات المتطورة والاستفادة منها مثل : الكومبيوتر وشبكة الإنترنت .

2- القدرة على التفكير بكافة أشكاله وأهمها التفكير الناقد والإبتكاري .

3- القدرة على التعلم الذاتي المستمر .

4- القدرة على حل المشكلات وطرحها .

وخلصت تلك الدراسات إلى بيان أهم الاستراتيجيات التي طبقت في تنمية التفكير لدى أطفال مرحلة ما قبل المدرسة والسنوات الأولى من التعليم الإبتدائي ، كما خلصت إلى بيان أهم الأنشطة التي تحقق هذا التفكير عند هذه الشريحة في المرحلة المذكورة .

ومن أهم الإستراتيجيات ما يلي :

1- إستراتيجية التعلم التعاوني .

2- إستراتيجية حل المشكلات .

3- إستراتيجية طرح التساؤلات .

4- إستراتيجية عمل المجموعات الصغيرة مع المناقشة .

5- إستراتيجية العمل طفل لطفل وقيام الأطفال بمساعدة رفاقهم .

6- إستراتيجية البرامج والعلوم المتكاملة عبر المناهج المختلفة .

7- إستراتيجية إعطاء المتعلم فرصة للتأمل حول ما يقوم به من أنشطة .

8- إستراتيجية تنمية حب الاستطلاع .

9- إستراتيجية تنمية الإحساس بالمسؤولية وتقرير الذات .

10- إستراتيجية تشجيع المبادرة عن طريق التخطيط والعمل (34)

أهم الأنشطة التي تحقق ذلك هي :

1- الأنشطة التي يمارسها الطفل ويقوم بها بنفسه .

2- الأنشطة التي تحقق تكامل المواد الدراسية .

3- كتابة التقارير والمقالات .

4- استخدام كافة أشكال التكنولوجيا مثل الكمبيوتر والإنترنت .

5- أدب الأطفال .

6- إجراء المسابقات المختلفة (35).

ويدخل ضمن تكنولوجيا المعلومات ثلاثة مجالات رئيسية وهي :

1- تكنولوجيا الإعلام وتتفرع إلى أربعة فروع هي :

أ- التليفزيون التقليدي .

ب- التلفزيون التفاعلي .

جـ- الفيديو .

د- الإذاعة .

2- تكنولوجيا الكمبيوتر وتتفرع هي الأخرى إلى أربعة فروع هي :

أ- الكمبيوتر الشخصي P.C .

ب- تكنولوجيا الوسط المتعددة Multi-media .

جـ- تكنولوجيا الواقع الإفتراضيVirtual Reality .

د- الألعاب لإلكترونية Electronic games .

3- تكنولوجيا الإنترنت : وهي توظف وتستثمر كل التكنولوجيات السابقة . (36)

وقد حدد الباحث نبيل علي الغايات الأساسية لاستخدام تكنولوجيا المعلومات بالنسبة للطفل العربي وهي :

أ- تنمية قدرات الطفل العربي على اكتساب المعرفة .

ب- تنمية القدرات الذهنية لدى الطفل العربي .

جـ- تنمية القدرات الإبداعية لدى الطفل العربي .

د- تنمية مهارات التواصل مع الآخرين لدى الطفل العربي (37) .

حضور أدب الأطفال إلكترونيا :

المتتبع لمنتوجات التكنولوجيا الحديثة ، و المتصفح لشبكة الإنترنت ، يلحظ وجود مادة إعلامية غزيرة مقدمة للطفل ، وهي مادة تتمظهر بواسطة الحاسوب الشخصي أو عن طريق شبكة الإنترنت ومن مظاهر تجليها ما يلي :

1- المواقع الأدبية الإلكترونية : وأشهرها :

أ- موقع أدب الأطفال العربي وهو أول موقع عربي لأدب الأطفال يشرف عليه الدكتور رافع يحي وهو باحث فلسطيني .(38)

2- المواقع الثقافية الإلكترونية: وأشهرها المواقع التالية :

- موقع حورس الصغير(39) .

- موقع فيتي للأطفال(40) .

- موقع سوكوول(41) .

- موقع مدينة الطفل(42) .

- موقع أطفال منوع(43) .

- موقع أطفال (أردني)(44) .

- موقع أطفال (جزائري)(45) .

- موقع عالم زمزم (46) .

- موقع أطفال الشروق(47) .

- موقع أولادنا (48) .

- موقع شبكة الأطفال(49) .

- موقع شبكة أطفال مصر(50) .

- موقع عالم الفتيان والفتيات(51) .

- موقع بنين وبنات(52) .

- موقع عالم ذكي للأطفال(53) .

د-المنتديات الأدبية الإلكترونية : فمعظم هذه المنتديات تخصص ركنا للأطفال وأشهرها:

- منتدى إنان لأدب الأطفال والناشئة(54) .

- منتدى أدب الشباب وأدب الأطفال(55) .

- منتدى أدب الأطفال بمجلة أقلام الثقافية وغيرها(56) .

4- المجلات الأدبية والثقافية الإلكترونية : وأشهرها :

- مجلة العربي الصغير(57) .

- مجلة فراس (58) .

- مجلة الفاتح (59) .

- مجلة ماجد وغيرها (60) .

5- مواقع القنوات التلفزيونية : التفاعلية وأشهرها :

- موقع قناة الجزيرة للأطفال (61) .

- موقع قناة أم بي سي3. MBC (62) .

- موقع قناة سبيس تون (63) .

- موقع قناة طيور الجنة (64) .

6- الكتاب الإلكتروني.

7- الأقراص المدمجة.

8- الصالونات الأدبية الإلكترونية.

9- مؤتمر التعليم الإلكتروني : وغيرها :

وكل هذه المجالات والمواقع والوسائط تقم أدبا للأطفال هو في حاجة إلى دراسات علمية لكي نستطيع الحكم عليها أولها .

أدب الأطفال التفاعلي –نموذج مقترح-

إذا كان الأدب التفاعلي للكبار قد واجه موجة من المعارضة من قبل نقاد الأدب التقليدي كما رأينا ، فلا أحد يستطيع أن ينكر صلاحية هذا الأدب للأطفال خصوصا أنه يوظف الوسائل التكنولوجية في تقديم هذا الأدب للملتقي الصغير ، وكلنا يدرك أهمية هذه الوسائل والوسائط في تثقيف الطفل وتعليمه وإعداده للمستقبل ذلك <<أن الطفل العربي سوف يواجه طفلا آخر من نتاج المجتمعات المتقدمة ، مزودا بأمضى أسلحة التفوق العلمي والتكنولوجي وربما يتم –أيضا –تحسينه " جينيا " عن طريق تكنولوجيا تحسين النسل البشري أو (اليوجينياEugenics )، بل هناك احتمالات قائمة بالفعل لتعزيز مخ هذا الطفل "(65).

وهنا يأتي دور الأدب التفاعلي القائم على التفاعل والمشاركة ، الأديب يكتب نصه للطفل وفق معايير وقواعد الأدب التفاعلي مع مراعاة تقنية الكتابة الأدبية للأطفال وما يتطلبه من جوانب تربوية ونفسية, والطفل يتفاعل مع هذه النصوص من خلال إتمام النص وإكماله والتعليق عليه وغيرها من وجوه التفاعل والمشاركة. وهنا نزاوج بين أدب للأطفال وأدب الأطفال ونتخلص من إشكالية المصطلح : هل هو أدب للأطفال ؟ أو أدب أطفال . ذلك أن الساحة الأدبية تعرف نوعين من النصوص ، نصوص يكتبها الأدباء الكبار للأطفال ، ونصوص يكتبها الأطفال أنفسْهم (66)

فإذ قام الأديب المحترف الذي يتوجه بأدبه للأطفال بترك فرصة للطفل أن يشاركه الكتابة ، وأن يتدخل حيث يجب التدخل ، وأن يتفاعل معه عبر هذا الفضاء مستخدما الصوت والصورة واللون والحركة فإننا بذلك نخلق أدبا تفاعليا للأطفال ونخرج من أزمة المصطلحات وإشكالية المسميات ، فيصبح لدينا أدبا للأطفال يقوم على تفاعل كبير بين أديب الأطفال و الطفل الملتقي . وهنا يكتسب الطفل صفة المساهمة المنتجة " وتحوله إلى مبدع من درجة ثانية تتحقق أبداعيته من خلال إسهامه في العملية نفسها. حيث لا يبقى مكتفيا بمتابعة النص بعينه وإنما يكتب النص بطريقته الخاصة ، وهو ينقر على الفأرة ويتحرك في جسد النص، وفق اختياراته وإمكاناته ، وبذلك يبدع نصه من خلال النص الذي يقرأ " (67) كما أن هذه المشاركة من شأنها أن تساعد على شحذ الأذهان والتحفيز على الابتكار .

وعندما تصفحت موقع الأديب محمد سناجلة الذي يعتبر رائد الأدب التفاعلي في الوطن العربي بما قدمه من دراسات نظرية وإبداعات قصصية (68) رأيت بأن هذا الشكل وهذه التقنية يمكن أن تكون منطلقا صالحا وفعالا في تقديم أدب جديد للأطفال وهو الأدب التفاعلي للأطفال وذلك للاعتبارات التالية:

1- توظيف الصورة : ففي قصة (صقيع ) على سبيل المثال يوظف الكاتب محمد سناجلة الصورة بشكل بارز حيث تفتتح القصة بمشهد سينمائي باستخدام التقنيات والبرامج الرقمية على الكومبيوتر، فنرى مشهد ليلة حالكة شديدة البرودة يتخللها تساقط الثلوج والمطر وصوت الريح وعواء الذئاب، ثم تذهب الكاميرا الرقمية إلى رجل يجلس في غرفة ضيقة, لتبدأ بعد ذلك لعبة السرد واللعب بالكلمات والصور بينما تصفر الريح ويلمع البرق ويقصف الرعد وتنتاب الملتقي مشاعر الإحساس بالبرودة الجسدية والنفسية معا, وقد واستخدم الكاتب خلال هذا العرض عشر روابط يتم من خلالها الانتقال إلى الصور والمشاهد وبعض القصائد. (69)

فالصورة أهم ما يميز الأدب التفاعلي ، وقد قال أرسطو ذات مرة أن التفكير مستحيل من دون صورة , وكذلك قال المخرج الفرنسي آبل جانس عام 1926 :" إننا نعيش بالفعل عصر الصورة " (70) كما تحدث رولان بارث عن بلاغة الصورة وعن الأنظمة الدلالية غير اللسانية .

ولهذا لا يمكن تصور الحياة المعاصرة من دون صور ، حتى أصبح مصطلح (ثقافته الصورة) من المصطلحات الشائعة في كل مجالات المعرفة الإنسانية ، ونحن في هذه الدراسة نركز على الصورة الرقمية المولدة بالكمبيوتر ذلك لأن للصورة أنواع متعددة.

وأدت الصورة الرقمية إلى تحولات جذرية في الثقافة الإنسانية نظرا لدورها كمعلومة مع سهولة الحصول عليها والتعامل معها ثم تخزينها وتحميلها ، وقد خلقت بذلك مصطلح (صورة الواقع الافتراضي) الذي قال به عالم الكمبيوتر جاردن لنير (Jardon Lanier) حيث يشعر مستخدمو الكمبيوتر أنهم يعيشون العوالم التي يقوم الحاسوب بتخليقها بالصورة والصوت .

وإذا عدنا للمتلقي الصغير في علاقته بالصورة ، فمن المتفق عليه في المجالين التربوي والنفسي أن الطفل يميل بطبعه إلى الصور وإلى المحسوسات وينفر من المعنويات والمجردات ، ففي مراحل نموه الأولى يشد انتباهه الجانب المرئي المجسم أكثر من الجانب النطقي السمعي مما يدل على أن المعلومة المرئية أفضل من المعلومة المجردة، ولهذا استثمرت واستعملت الصور والرسومات في إعداد كتب الأطفال منذ أن وجد أدب الأطفال ، ولا يمكن أن نتصور هذه الكتب دون صور أو رسومات ، كما لا يمكن أن نتصور تلفزيونا للأطفال دون صور متحركة ، ومن ثم يمكننا أن نستغل هذا الميل عند الطفل ونقدم أدبا تفاعليا للأطفال .

2- توظيف الصوت والموسيقى : يوظف الأدب التفاعلي الصوت والموسيقى من خلال الروابط المرفقة للنص ، وهذا شيء يغري الطفل ، فالطفل ميال بطبعه للأصوات وهو إيقاعي بالفطرة ، فهو ينصت لصوت أمه حين تغني له أغنيات ذات إيقاع رتيب في الغالب لتهدئته وبث الطمأنينة في نفسه ، ويحفل تراثنا العربي والشعبي بوافر من هذه الأغنيات التي تسمى بأغاني المهد والترقيص (71) .

3- توظيف اللون والحركة : يستخدم الأدب التفاعلي اللون والحركة، وهما مادتان أساسيتان في أدب الأطفال فللون أهمية كبيرة في النصوص ، فالعين لا تتأثر بالأشكال فحسب بل تتأثر أيضا باللون ، وهو عبارة عن عنصر نفسي فيزيولوجي محدد للتلقي وهو أيضا عنصر هام في جماليات النص، واستخدامه في أدب الأطفال يعطي ألقا للنص أكثر من الكلمات أحيانا .

4- الحرية: يوفر الأدب التفاعلي الحرية لأنه يترك للمستخدم / المتلقي حرية اختيار الموضوع الذي يجب أن يتحدث أو يكتب فيه ، كما يترك له حرية عرض الأفكار التي يريدها دون فرض أو تقييد، وهذه الخصيصة تناسب الطفل الميال بطبعه للحرية فهو يحب الانطلاق, ويكره التسلط والعبودية , ويريد أن يمارس حريته عبر هذا الفضاء بعيدا عن التعليم بشكله النظامي الذي يعيق ظهور العبقرية –كما قال أنشتاين – فهذه النبتة الصغيرة في روح كل طفل في حاجة إلى الحرية وإلى إشباع حب الاستطلاع المقدس . (72)

5- المشاركة والتفاعل : وهما أبرز خصائص الأدب التفاعلي والطفل يميل للمشاركة والتفاعل مع محيطه من خلال ما يقدم له ، وقد رأينا أن الدراسات الحديثة تقر بأهمية الأنشطة التي تعتمد على المشاركة .

لهذه الاعتبارات كلها يجب أن نخوض تجربة الكتابة الأدبية التفاعلية للأطفال باستخدام برامج خاصة , فالطفل الذي يتعامل مع ألعاب (لبلاي شتيشن)(Play Station) المعقدة، لا يعجزه أن يتعامل مع البرامج والأدوات, وهي في كل يوم تقدم تسهيلات في هذا المجال .

بقي في الأخير أن نضع اقتراحات وتصورات وأمورا عامة يجب مراعاتها عند التخطيط للتوجه للأطفال من خلال الشاشة الزرقاء : أسوأ

1- اسم الموقع أو اسم الركن أو الصفحة في الموقع: يجب أن يعكس قيمة ذات دلالة تربوية أو ثقافية ، مع الابتعاد عن الأسماء العامة حتى لا نقع في التداخل والتكرار فهناك أكثر من موقع يحمل اسم " أطفال ، والابتعاد أيضا عن الأسماء الأجنبية أو ذات النزعة القومية الضيقة أو الجهوية المنغلقة، أو أسماء الأفراد ذكرا أو إناثا حتى لا يرتبط الموقع بجنس دون آخر : مثل : فاتح ، ماجد ، عدنان أو شيماء ، ناهد ،...الخ .

2- إضافة الجديد وإجراء التحديث بحيث لا يشعر المستخدم الصغير بالملل.

3- مجانبة الخدمات عن طريق إتاحة الفرصة للطفل لتحميل البرامج المفيدة خصوصا تلك البرامج المرتبطة بالمناهج الدراسية حتى لا يحرم منها أطفال الأسر محدودة الدخل .

4- الإعلان في للموقع : يجب أن يرتبط الإعلان والإشهار في الموقع بعالم الطفولة ، ولا ينظر له على أنه عمل تجاري يستهدف الربح ، وهنا يجب وضع معايير وقواعد خاصة للاستخدام الإعلاني بحيث تتفق الإعلانات مع ما يقدمه الموقع من موضوعات، وما يغرسه من سلوكيات وقيم وعادات .

5- الاهتمام بشكل الموقع من حيث المساحة وعدد الأركان ونوعية الخطوط والألوان والصور والرسوم فهذه كلها عناصر تؤثر على مدى جاذبية الموقع للطفل ومدى قدرته في توصيل مضمونه .

6- إدارة الموقع وتحريره وإخراجه لابد أن يقوم على أسس علمية وأن يستعان فيه بالمتخصصين .

7- خلق فضاء للتفاعل من خلاله يقدم الكبار كالأولياء ، والصغار كمتلقين انطباعاتهم واقتراحاتهم حول ما يقدم في الموقع .

8- تحديد الجمهور المستهدف للموقع أو لأحد صفحاته وأركانه بمرحلة معينة من مراحل الطفولة، ذلك أن مرحلة الطفولة تقسم إلى مراحل يمكن الإشارة إليها بإيجاز فيما يلي :

1- مرحلة الطفولة المبكرة (أو مرحلة الخيال الإبهامي) من سن (3-5) سنوات تقريبا .

2- مرحلة الطفولة المتوسطة أو (مرحلة الخيال الحر) وتمتد من سن (6-8) سنوات تقريبا .

3- مرحلة الطفولة المتأخرة أو (مرحلة المغامرة والبطولة) وتمتد ما بين سن (9-12) سنة تقريبا .

4- مرحلة اليقظة الجنسية وتمتد ما بين سن (12-18) سنة تقريبا .

هذه هي مراحل الطفولة ولا يمكن لموقع أن يدعي التوجه لكل المراحل بنجاح وفاعلية، ولعل الفئة العمرية الأكثر أهمية في هذا المجال هي الفئة الممتدة ما بين (9 إلى 12سنة) تلك المرحلة التي يطلق عليها علماء لنفس والتربية مرحلة الطفولة المتأخرة أو مرحلة ما قبل المراهقة واليقظة الجنسية وهي مرحلة تواكب سنوات التعليم الابتدائي .

وخلاصة القول : إن طفل القرن الواحد و العشرين لم يعد متلقيا بسيطا يكتفي بالأدب الورقي ويقتنع بالخطاب الوعظي ، وإنما أصبح متلقيا يعايش وسائط إلكترونية أكثر حداثة وتطور مما كان عليه الحال في القرن الماضي، لهذا حاولت هذه الدراسة كما بينا أن تطرح مشروع تأسيس أدب تفاعلي موجه للأطفال مستثمرة المنجز النقدي الحديث في نظرته إلى عالم التلقي وجمالياته ، ومستغلة المفاهيم والقواعد التي طرحها الأدب التفاعلي من خلال رواده ومنظريه .

الهوامش والإحالات

1- سعيد يقطين ، من النص إلى النص المترابط مدخل إلى جماليات الإبداع التفاعلي ، المركز الثقافي العربي ، المغرب ، لبنان ، ط1، 2005 ، ص09 – 10 .

2- فاطمة البريكي ، مدخل إلى الأدب التفاعلي ، المركز الثقافي العربي ، المغرب ، لبنان ، ط1 ، 2006 ، ص 49 .

3- ينظر الرابط التالي :

http://www.kukuliraq.com/modules.php?name:News & fille :article & sid =19041.

4- ينظر فاطمة البريكي ، المرجع السابق ، ص 50 .

5- ينظر المرجع نفسه ، ص 50 .

6- ينظر المرجع نفسه ، ص 51 .

7- ينظر المرجع نفسه ، ص 51 .

8- ينظر المرجع نفسه ، ص 51 .

9- ينظر المرجع نفسه ، ص 52 .

10-ينظر المرجع نفسه ، ص 52 .

11-ينظر المرجع نفسه ، ص 53- 54 .

12- ينظر مثلا للاستزادة ما كتب عن نظرية التلقي .

13- ينظر فاطمة البريكي ، المرجع السابق ، ص 55 .

14- بشرى موسى صالح ، نظرية التلقي : أصول ...وتطبيقات المركز الثقافي العربي ، المغرب ، لبنان ،ط1 ، 2001 ، ص 40 – 41 .

15- سعيد يقطين ، المرجع السابق ، ص 259 .

16- فاطمة البريكي ، المرجع السابق ، ص 63 .

17- ينظر فاطمة البريكي، المرجع نفسه، ص 66 .

18- ينظر نبيل علي ، العرب وعصر المعلومات ، سلسلة عالم المعرفة ، يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ، رقم 184 ، أفريل 1994 .

19- ينظر حسام الخطيب : الآداب والتكنولوجيا وجسر النص المتفرع المكتب العربي لتنسيق الترجمة والنشر ، دمشق –الدوحة ، ط1، 1996 .

20- ينظر المرجع نفسه ، ص83 .

21- ينظر فاطمة البريكي ، المرجع السابق ،ص 21.

22- ينظر المرجع نفسه ، ص10 .

23- ينظر سعيد يقطين ، المرجع السابق ،ص264.

24- ينظر الرابط التالي :

http://www.elayem-dz.com/index2.php?option=com...

وأيضا الرابط التالي :

http://www.madd.net/vb/showthread.php.?t=5255 .

25- ينظر فاطمة البريكي ، المرجع السابق ،ص 25-26 ، وينظر أيضا حسام الخطيب ورمضان بسطاويسي ، آفاق الإبداع ومرجعيته في عصر المعلوماتية ، دار الفكر ، دمشق ،ط1، 2001 ، ص50 .

26- ينظر الرابط التالي :

http://www.encarta.msn.com/dictionary-1861619620/hypertext.html/

27- ينظر الروابط التالية :

http://www.madd.net/vb/showthread.php.?t=5255

http://www.asmarna/al-moltqa/showthread.php?P:111263

http://www.telskuf.com/articles.asp?article-id:12154.

28- من هذه الكتب ما يلي :

- العرب وعصر المعلومات للدكتور نبيل علي .

- الثقافة العربية وعصر المعلومات للمؤلف نفسه .

- الأدب والتكنولوجيا وجسر النص المتفرع : للدكتور حسام الخطيب .

- من النص إلى النص المترابط مدخل إلى جماليات الإبداع التفاعلي لسعيد يقطين .

- مدخل إلى الأدب التفاعلي : لفاطمة البريكي .

29- سعيد الوكيل " خرافة اسمها الواقعية الإلكترونية "

30- ينظر الرابط التالي :

http://www.middle-east-online/culture/?id=56601=56601&for...

31- ينظر الرابط التالي :

http://www.freearabi.com/%D8%A7%D9%84%...

32- إبراهام ماسلو Maslow : ولد في بروكلين نيويورك في 1908م وهو صاحب نظرية الحاجة الهرمية التي رتبها على شكل هرم تبدأ من الحاجة الفسيولوجية ثم الحاجة الأمنية ثم الحاجة الاجتماعية ثم الاندفاع الشخصي وأخيرا الواقعية الشخصية .

33- ينظر الرابط التالي :

http://www.isesco.org.ma/Pub/ARABIC/TIFL/P3.htm.

34- ينظر ليلى كرم الدين " إعداد أطفالنا للمستقبل على الرابط التالي:

http://:www.isesco.org.ma/Pub/ARABIC/TIFL/P3.htm.

35- ينظر المرجع نفسه ، على الرابط نفسه .

36- ينظر نبيل علي ، الطفل العربي وتكنولوجيا المعلومات كتاب العربي رقم 50، ثقافة الطفل العربي ، ص196.

37- ينظر المرجع نفسه ، ص 218 .

38- ينظر الرابط التالي: http://www.adabatgal.com .

39- ينظر الرابط التالي: http://www.horus.ics.org.eg .

40- ينظر الرابط التالي: http://www.viti4kids.gov.eg .

41- ينظر الرابط التالي: http://www.Socool.com .

42- ينظر الرابط التالي: http://www.childrencity.ae .

43- ينظر الرابط التالي: http://www.rafed.net/child/stories.

44- ينظر الرابط التالي: http://www.kids.Jo .

45- ينظر الرابط التالي: http://www.atfall.com .

46- ينظر الرابط التالي: http://zamanworld.com .

47- ينظر الرابط التالي: http://zaman.Shorouk.com/kids/ .

48- ينظر الرابط التالي: http://zaman.awladnaa.net .

49- ينظر الرابط التالي: http://arabkids.com .

50- ينظر الرابط التالي: http://www.atfalmasr.com .

51- ينظر الرابط التالي: http://www.alftian.com .

52- ينظر الرابط التالي: http://kids.islamweb.net .

53- ينظر الرابط التالي: http://www.zakiworld.com .

54- ينظر الرابط التالي: http://www.inanasite.com .

55- ينظر الرابط التالي: http://www.Sms30.com .

56- ينظر الرابط التالي: http://aklaam.net .

57- ينظر الرابط التالي: http://www.alarabimag.com .

58- ينظر الرابط التالي: http://www.feras.osrty.com .

59- ينظر الرابط التالي: http://www.al.fateh.net .

60- ينظر الرابط التالي: http://www.majid.ae .

61- ينظر الرابط التالي: http://www.JccTv.net .

62- ينظر الرابط التالي: http://www.mbc3.net .

63- ينظر الرابط التالي: http://www.spacetoon.Tv .

64- ينظر الرابط التالي: http://www.toyouraljanah.com .

65- نبيل علي ، الطفل العربي وتكنولوجيا المعلومات ، ص197.

66- ينظر العيد جلولي ، النص الشعري الموجه للأطفال في الجزائر ، أطروحة دكتوراه مخطوطة ، جامعة الجزائر ، 2005 ، ص02 .

67- ينظر الرابط التالي :

http://www.arabicstory.net/forum/Lofiversion/index.php/t7603.htm .

68- ينظر قصصه (ظلال الواحد) و (شات) و (الصقيع ) من خلال الرابط التالي :

http://www.arab-exriters.com .

69- ينظر قصة (الصقيع) على الرابط التالي :

http://www.arab-ewriters.com .

70- سليمان أوصمان " الصورة التلفزيونية : ثورة بصرية في عالم التكنولوجيا " جريدة الأسبوع الأدبي اتحاد الكتاب العرب-دمشق ، العدد 1047 ، 2007 .

على الرابط التالي : http://www.awu-dam.org/mainindx.htm:

71- ينظر العيد جلولي ، النص الشعري الموجع للأطفال في الجزائر ، ص 75 .

72-ينظر سليمان إبراهيم العسكري ، الطفل العربي ومأزق المستقبل ، كتاب العربي رقم 50 ، 2002 ، ص 05 .

اقرأ المزيد »

 

Featured